مهد الانتفاضتين

مهد الانتفاضتين

غزة مهد الانتفاضتين

في عام 1987، وقعت حادثة مأساوية أسفرت عن مقتل أربعة عمال فلسطينيين من قطاع غزة عندما صدمت شاحنة عسكرية إسرائيلية سيارتهم وهشّمتها، وهذا الحادث أثار موجة من الغضب والاستياء الواسع في الأوساط الفلسطينية. كانت تلك الفترة مليئة بالتوترات والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للحقوق الإنسانية للفلسطينيين

انتفاضة الحجارة

في التاسع من ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام، انطلقت مظاهرات احتجاجية حاشدة من بلدة جباليا في قطاع غزة، وهذه الحركة الشعبية السلمية كانت الشرارة الأولى التي أشعلت "انتفاضة الحجارة"، وهي فترة من التصعيد الشعبي المستمر ضد الاحتلال الإسرائيلي. كانت هذه الانتفاضة تعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني وصموده في مواجهة الظلم والاحتلال، وكانت تعبيراً عن الرفض الشديد للسياسات القمعية والاستيطانية التي ينتهجها الاحتلال

أبطال فلسطين

خلال هذه الفترة، اندلعت مواجهات شديدة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث استخدمت الأولى الحجارة كوسيلة للمقاومة ضد الدبابات والجنود المسلحين. كما تم انتشار صور ومشاهد تظهر قسوة القمع الإسرائيلي واستخدام القوة الفائقة ضد المتظاهرين الفلسطينيين السلميين

وحدة الشعب الفلسطيني

تجسدت "انتفاضة الحجارة" في شكل مظاهرات شعبية مستمرة واشتباكات متواصلة على مدار الأشهر القادمة، حيث انضمت لها مختلف فئات المجتمع الفلسطيني، بما في ذلك الشباب والنساء وكبار السن. كما شهدت الانتفاضة تعبيراً فعّالاً عن وحدة الشعب الفلسطيني وتضامنه في مواجهة الاحتلال

على الرغم من أن "انتفاضة الحجارة" أدت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا من الجانبين، إلا أنها تركت بصمة قوية في تاريخ الصراع الفلسطيني، وأظهرت إرادة الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه وكرامته وتصميمه على مواجهة الظلم والاحتلال بكل الوسائل الممكنة

تصاعد الاحتجاجات

بعد تصاعد الاحتجاجات في قطاع غزة في عام 1987، انتقلت المظاهرات بسرعة إلى باقي مناطق القطاع، ومنها إلى القدس والضفة الغربية، ممتدة بذلك الصراع والتصعيد إلى مختلف أرجاء الأراضي الفلسطينية المحتلة. استمرت هذه الانتفاضة الشعبية، التي تعرف بـ "انتفاضة الحجارة"، حتى عام 1993، حيث وقعت اتفاقية أوسلو للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية

اتفاقية أوسلو

على الرغم من نهاية انتفاضة الحجارة رسميًا مع توقيع اتفاقية أوسلو، إلا أن الوضع السياسي والأمني في المنطقة استمر في التوتر والصراع. في هذا السياق، نشأت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة في نفس العام 1987، بقيادة الشهيد الشيخ أحمد ياسين ومجموعة من القادة الإسلاميين الآخرين. وقد برزت حماس كقوة مقاومة فلسطينية قوية، ترفض الاعتراف باتفاقية أوسلو وتعارض السياسات الإسرائيلية القائمة على الاحتلال والاستيطان

حماس المقاومة

منذ تأسيسها، استمرت حماس في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك استخدام العمليات العسكرية والمقاومة المسلحة. ورغم التطورات السياسية والعسكرية على مر السنين، فإن حماس لا تزال تحافظ على موقفها الرافض للاحتلال وتستمر في ممارسة دورها كقوة مقاومة فلسطينية، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من السياق السياسي والأمني في الشرق الأوسط

انتفاضة الأقصى

في عام 2000، شهد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تصاعدًا جديدًا مع اندلاع ما عُرف بانتفاضة الأقصى، والتي تعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية. بدأت هذه الانتفاضة بعد زيارة زعيم المعارضة الإسرائيلية في ذلك الوقت، أرييل شارون، للمسجد الأقصى في القدس الشرقية، المدينة المقدسة للمسلمين والموقع الذي يُعتبر ثالث أقدس الأماكن بالنسبة للإسلام

مظاهرات تنديدية

تصاعدت حدة الغضب الفلسطيني بشكل كبير عقب هذه الزيارة، حيث خرجت مظاهرات تنديدية واحتجاجات شعبية عارمة في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية. تصاعدت المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وتبادل الطرفان إطلاق النار والحجارة، مما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا من الجانبين

تم استخدام الرصاص الحي بشكل مكثف من قبل القوات الإسرائيلية ضد المتظاهرين الفلسطينيين السلميين، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا والجرحى، وتفاقمت حالة التوتر في المنطقة بشكل كبير

محمد الدرة

تلقى الطفل الفلسطيني محمد الدرة، الذي كان يبلغ من العمر 11 عامًا، شهادة الشهادة عندما أظهر شريط فيديو مأساوي تم توثيقه في 30 سبتمبر/أيلول 2000، مشاهد إعدام حي له بوحشية من قبل جنود إسرائيليين في شارع صلاح الدين جنوب مدينة غزة. كان الطفل الدرة يحتمي إلى جوار والده ببرميل إسمنتي في محاولة للحماية من الأعمال العسكرية الإسرائيلية العنيفة

ساحات معركة

تميزت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، التي اندلعت بعد اقتحام المسجد الأقصى، بزخم كبير من المواجهات وتصاعد العنف بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي. تحولت الشوارع إلى ساحات معركة، حيث اندلعت مواجهات يومية تكبدت فيها كل طرف خسائر فادحة. وفقًا للإحصائيات الرسمية الفلسطينية والإسرائيلية، فقد أسفرت هذه الانتفاضة عن سقوط آلاف الضحايا والجرحى من الجانبين

كتائب القسام

في غضون عام واحد فقط من اندلاع الانتفاضة، شهدت غزة لحظة تاريخية حينما شهدت أول إطلاق لصاروخ فلسطيني محلي الصنع، وذلك من قبل كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس. هذه الحادثة التي استهدفت مستوطنة "سديروت" جنوبي إسرائيل، كانت نقطة تحول هامة في عمل المقاومة الفلسطينية، حيث شهدت تطورًا ملحوظًا في قدراتها على تصنيع واستخدام الصواريخ. هذه الأحداث ساهمت في تغيير ديناميات الصراع وزيادة التوترات بين الطرفين، مما جعل الوضع في المنطقة يتصاعد إلى مستويات غير مسبوقة من العنف والتوتر